في اليوم العاشر من شهر بؤونة من سنة 1434 للشهداء ( 1718م ) تنيَّح القديس البابا يوأنس السادس عشر البطريرك الثالث بعد المائة من بطاركة الكرازة المرقسية. وُلِدَ في بلدة طوخ النصارى (طوخ النصارى: قرية بمحافظة المنوفية) من والدين مسيحيين تقيين، فربياه أحسن تربية فترعرع في الفضيلة. ولما تنيَّح والده زهد في العالم واشتاق إلى حياة الرهبنة، فذهب إلى دير القديس أنطونيوس وترَّهب فيه وسار سيرة رهبانية فاضلة، فرسمه البابا متاؤس الرابع قساً فتزايد في الفضيلة والزهد.
وبعد نياحة البابا متاؤس الرابع اجتمع الأساقفة والأراخنة واتفقوا على اختيار هذا الراهب بطريركاً، فتمت رسامته يوم الأحد 9 برمهات 1392 للشهداء ( 1676م ) باسم البابا يوأنس السادس عشر، فلما جلس على الكرسي المرقسي اهتم بتعمير الكنائس وبالأخص الكنائس التابعة لنا في أورشليم. كما اهتم بدير القديس الأنبا بولا.
وكان يمتاز هذا البابا بمحبته للفقراء، فكان فاتحاً مقره لهم، ولقد عمل هذا البابا الميرون المقدس 1703م في كنيسة القديسة العذراء بحارة الروم واشترك معه الأساقفة والرهبان. كما قام سنة 1709م بزيارة إلى أورشليم، ومعه بعض الأساقفة والكهنة وبعض الأراخنة، وكان يفتقد الكنائس ويزور الأديرة وطاف الوجهين البحري والقبلي ليتفقد أبناءه.
كما سمح في عهده للكهنة بنقل الذخيرة المقدسة، أي جسد السيد المسيح ودمه الأقدسين، إلى المرضى والمطروحين الذين لا يستطيعون الحضور إلى الكنيسة من بيوتهم.
كان هذا البابا محبوباً من الجميع، وكانت جموع المؤمنين تأتي وتتبارك منه بسبب تواضعه ووداعته. ولما أكمل سعيه الصالح تنيَّح بسلام، بعد أن جلس على الكرسي المرقسي اثنتين وأربعين سنة وثلاثة أشهر، فحزن عليه الجميع وحملوا جسده بكرامة عظيمة ثم صلوا عليه ودفنوه في مقبرة البطاركة بكنيسة الشهيد مرقوريوس أبى سيفين بمصر القديمة.